الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.فتوحات الوزير باذربيجان واران. ولما تخلف الوزير عن السلطان صرف همته إلى تمهيد البلاد ومدافعة صاحب خلاط وارتجاع البلاد التي ملك من اذربيجان واران وفتح القلاع العاصية فكان بينه وبين الحاجب حسام الدين صاحب خلاط ما ذكرناه وهو خلال ذلك يستميل أصحاب القلاع ويفيض فيهم الاموال والخلع حتى أجاب أكثرهم ثم قبض على ناصر الدين محمد من أمراء البهلوانية وكان معتزلا عند نصرة الدين محمد بن سبكتكين فصادره على مال وتسلم من نائبه قلعة كانت بيده ثم مات نائب السلطان بكنجة اقسنقر الاتابكي فنهض إليها وقبض على نائبه شمس الدين كرشاسف وصادره وتسلم منه قلعة هردوجاربرد من أعمال اران ثم جر العساكر لحصار قلعة زونين وبها زوجة السلطان خاموش فأطال حصارها وعرضت عليه نكاحها فأبى ولما رجع السلطان من العراق تزوجها وولى خادمه سعد الدين على القلعة فآساء إليها وانتزع أملاكها فأخرجوه وعادوا إلى الانتقاض ولم خلص الوزير من واقعته مع الحاجب نائب خلاط قصد أران فجي الأموال وجمع واحتشد وقصد قلعة مردانقين وكانت لصهر الوزير ركبة الدين فصانعه بأربعة آلاف دينار حملها إليه ثم سار إلى قلعة حاجين وبها جلال الدولة ابن أخت أبواني أمير الكرج فصالحه على عشرين ألف دينار وسبعمائة أسير من المسلمين ثم كانت فتنة البهلوانية فسكنها وسرح الجند عنها وشرح الخبر عنها أن بعض مماليك اتابك ازبك كان قد أفحش في قتل الخوارزمية بأذربيجان عند زحفهم إليها أيام فرارهم من التتر فلما ملك السلطان جلال الدين أذربيجان ومحا ملك البهلوانية منها لحق الأمير مقدي هذا بالاشرف بن العادل بن أيوب صاحب الشام وأقام عنده فلما بلغه انهزام الوزير شرف الملك أمام الحاجب حسام الدين نائب الاشرف بخلاط فر من الشام إلى اذربيجان ليقيم مع الاتابكية ومر بالحاجب في خوى فاتبعه وعبر النهر وخاطب من عدوته معتذرا فرجع عنه ودخل مقدي بلاد قبار قلاع استولى عليها المنتقضون والعصاة فراسالهم في اقامة الدعوة الاتابكية والبيعية لابن خاموش بن ازبك يستدعونه من قلعة قوطور واتصل ذلك بالوزير فأقلقه ثم جاء خبر هزيمة السلطان بأصبهان فازداد قلقا وسار الأمير مقدي إلى نصرة الدين محمد بن سبكتكين يدعوه لذلك فلاطفه في القول وكتب للوزير بالخبر فأجابه بأن يضمن لمقدي ما أحب في مراجعة الطاعة ففعل وجاء به إلى الوزير فأكرمه وخلع عليه وعلى من جاء معه وعاهده على العفو عن دماء الخوارزمية وجاء الخبر برجوع السلطان من أصبهان فارتحل الوزير للقائه ومعه الأمير مقدي وابن سبكتكين وأكرمهما السلطان..أخبار الوزير بخراسان. كان صفي الدين محمد الطغرائي وزيرا بخراسان وأصل خبره أنه كان قرية من كلاجرد وأبوه رئيسها وكان هو حسن الخط ورتبة الاطوار ثم لحق بالسلطان في الهند وخدم الوزير شرف الملك فلما عادوا إلى العراق ولاه الطغرائي ولما ملك السلطان تفليس من يد الكرج ولى عليها اقسنقر مملوك الاتابك ازبك وأقام صفي الدين في وزارتها فلما حاصرها الكرج هرب اقسنقر وأقام صفي الدين فحاصره أياما ثم أفرجوا ووقع ذلك من السلطان أحسن المواقع وولاه وزارة خراسان فأقام بها سنة وضجر منه أهلها فلما جاء السلطان إلى الري وأقام بها كثرت به الشكايات ونكبه السلطان واستصفى أمواله وقبض على مواليه وحاشيته وقيدت خيله إلى مرابط السلطان وكانت ثلثمائة وخلص من مواليه على الكرماني إلى قلعة كان حصنها فامتنع بها واستوزر السلطان مكانه تاج الدين البلخي المستوفي وسلم إليه الصفي ليستصفيه ويقلع القلعة من مولاه وشدد في امتحانه وكان عدوه فلم يظفر منه بشيء وكان لما نكب طالبه خاتون السلطان باختصار الجواهر وما ساقه لخدمة الوزير وغيره فاحضر أربعة آلاف دينار وسبعين فصا من ياقوت وبلخش واستأثر الخازن بها الظنه أنه مقتول ثم كاتب الصفي أرباب الدولة ووعدهم بالاموال فشفعوا فيه وخلصوه وكتب السلطان بخطه بسراحه فجاء واستخلص ماله من الخازن الا الفصوص فأنه تعذر عليه ردها وولى السلطان على وزارة نسا محمد بن مودود النسوي العارض من بيت رياسة بها ورمت به الحادثة إلى غزنة فلما جاء السلطان من الهند ولاه الانشاء والحبس وعظم أمره وغص به الوزير شرف الملك فلما ورد أحمد بن محمد المنشي الكاتب رسولا عن نصرة الدين محمد بن حمزة صاحب نسا كما مر ولاه السلطان الانشاء فارتمض لذلك ضياء الدين وطلب وزارة نسا فولاه السلطان اياها وأقطع له عشرة آلاف دينار في السنة زيادة على أرزاق الوزارة وذهب إليها لاقامة وظيفته واستناب في ديوان العرض مجد الملك النيسابوري ثم قطع الحمل فعزله السلطان وولى مكانه الكاتب أحمد بن محمد المنشىء وتعرض للسعاية فيه فطرده السلطان وهلك في طرده.
|